الخميس، 16 أغسطس 2012

المحافظ و نائبه و الاستثمار في المشمش


المحافظ و نائبه و الاستثمار في المشمش

 مشمش كثير و خير وفير سيحصل عليه محافظ مصرف ليبيا المركزي و نائبه، مشمش يكفيهما إفطارا و غداء و عشاء إلى الأبد، و سيتاح لكل مواطن ليبي الحصول على حاوية من المشمش سنويا و بالمجان بفضل جهودهما، مناسبة هذا الحديث عن المشمش هو ما صرح به المحافظ يوم 29/5/2012 عن قيام المصرف بتشكيل لجنة لتتبع الأموال الليبية المهربة للخارج من قبل النظام السابق، وأرقام حسابات مهربيها وعن بدء المصرف تعاونا مع البنك الدولي في هذا الصدد ضمن "مبادرة ستار" يقوم بموجبه البنك الدولي بتدريب عدد من العناصر الليبية لتتبع أموالنا المهربة إلى الخارج وإعادتها، تصريح هدفه طمأنة الرأي العام و تهدئته و إيهامه بأن ثروته المنهوبة في الطريق إليه و لا أجد ما أقوله للثنائي المتوهم أن الأموال المهربة ستعود بهذه الطريقة سوى "في المشمش". في المشمش لأن أولى الخطوات الضرورية و التي يجب أن تتبعها خطوات لاحقة للبدء في استرجاع الأموال المهربة هو طلب المساعدة القضائية، تونس تقدمت إلى الحكومة السويسرية بهذا الطلب يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 أي بعد 11 يوما فقط من سقوط بن علي و مصر تقدمت بطلب مماثل يوم 22 فبراير 2011 بعد 11 يوما أيضا من سقوط مبارك، فليخبرنا المحافظ و نائبه هل قدمت ليبيا هذا الطلب أصلا، كما أن استرجاع الأموال من أي شخص لا يمكن أن يتم دون إدانته من القضاء الليبي عبر حكم من المحكمة يدينه صراحة بتهمة التربح و الاستيلاء على المال العام و هو ما يحتاج إلى تجميع للأدلة و للوثائق اللازمة، فليخبرنا المحافظ و نائبه ماذا تم بهذا الخصوص، لماذا لم يتم التنسيق مبكرا مع البنك الدولي و لماذا انتظرا كل هذا الوقت، لماذا لم يتم تفعيل بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي صادقت عليها ليبيا بدون إيداع المستندات لدى الأمم المتحدة و هذه الاتفاقية ركن ركين في معركة استرجاع الأموال، ماذا تم بشأن تطوير الكفاءات اللازمة للعمل فى مجال التعاون القضائى الدولى الذى يتطلب وجود كوادر ملمة و قادرة على استيعاب الاتفاقيات الدولية و الثنائية، ماذا تم في مجال التدريب السريع للقضاة و وكلاء النيابة لتجهيزهم لإدارة مثل هذه القضايا. في المشمش لأن الأموال المهربة تتحرك و تنتقل من نظام مالي إلى نظام مالي آخر بسرعة شديدة و بأشكال متعددة و متطورة من التغطية مما يجعل من عوامل الوقت و السرعة في التعامل و صحة التصرف عوامل حاسمة في هذا الصراع، ملف استرجاع الأموال المهربة ملف شديد التعقيد و الجانب القانوني هو الجانب الأساسي فيه و من غير المعقول أن تقود المصارف المركزية هذه الملفات و كان من الواجب ألا يتولى مصرف ليبيا المركزي هذا الدور المتأخر للغاية و الذي سيكون بالضرورة مشوها و مبتورا و بلا فائدة، و التزاما بواجبهما تجاه الشعب الليبي و بدلا من محاولة الاضطلاع بمسئولية سيعجزان عنها حُكما كان على المحافظ و نائبه وضع حقيقة متطلبات هذا الملف أمام المجلس الانتقالي و حكومته اللذين لا يمكن إعفائهما من خطيئة التقصير في القيام بما كان عليهما القيام به، و يكفينا أن نعرف أنه حتى هذه اللحظة لم تستطع أي دولة في العالم استرجاع مليم واحد عبر "مبادرة ستار" فلا يغرنكم تصريح المحافظ الذي أعرض عليه أن يستثمر أموال المصرف المركزي في شراء حاوية المشمش خاصتي و هو استثمار يتوافق مع الأهداف الاستثمارية للمصرف المركزي تحت قيادته و يتجانس مع قراره العجيب بعدم الاكتتاب في أسهم بنك يونيكريديت بالمخالفة لقرار باقي كبار المساهمين في البنك الإيطالي. الآن على المؤتمر الوطني العام التحرك بالشكل المطلوب في هذا الملف متمنيا أن يثمر التحرك أموالا بدلا من مشمش السيد المحافظ و نائبه. (جمعتني حلقة من برنامج لمة خوت في بدايات شهر ديسمبر2011 مع نائب المحافظ عبر مداخلات هاتفية، انتقدت فيها دون لبس عدم المسارعة بتقديم طلب المساعدة القضائية و عدم اتباع الطريقة المثلى لاسترجاع الأموال المنهوبة و ظهر فيها دون لبس أيضا عدم فهم النائب لمتطلبات هذا الملف)



                                                                     خليل الكوافي 
                                                                   اقتصادي ليبي

هناك تعليق واحد: