بسم الله الرحمن الرحيم
الإنتقالي يزوّر الإنتخابات و يؤذِنُ بالحرب
" لا خيرَ فيهم إن لم يقولوها، ولا خيرَ فينا إن لم نسمعها "
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .
إن تزوير الإنتخابات ليس فقط بتزوير بطاقات الناخبين أو بتزوير النتائج النهائية لها ؛ إن تزويرها قد يبدأ من عملية الإعداد لها . لقد بدأت عملية التزوير لإنتخابات المؤتمر الوطني منذ الأيام الأولى للتحرير في أغسطس 2011. و من هذه البدايات تسليم الإذاعات و و سائل الإعلام المؤثرة لسلطة الموالين للمجلس الإنتقالي أو المناوئين في له في العلن و المؤيدين لمصالحهم و المستفيدين من الوضع القائم على الأرض. ذلك أنه و منذ الإعلان عن الوثيقة الدستورية و ما تحمله من معانٍ تتغنى بالديمقراطية و دولة الدستور و القانون ، لم تقم وسائل الإعلام بأي جهدٍ لتوضيح أهمية هذه الإنتخابات ـ إنتخابات المؤتمر الوطني العام ـ المفصلية في حياة الأمة الليبية و التي ستحدد ميلاد الدولة الليبية و هويتها و مرجعيتها السياسية و شكل نظام الحكم فيها.
لقد تقصّد الإعلام الموجه و المنظّم و المسيّس من قبل المجلس الإنتقالي ومَن وراءه أن يعتّم على أهمية المؤتمر الوطني و تعريف ما هو المؤتمر الوطني و لماذا نريد إنتخابه . لقد تقصّد السياسيون و أشباه السياسيين و الإعلاميون و مدراء و سادة الفضائيات أن يغيّبوا الشعب الليبي عن هذه المفاهيم. إنهم ببساطة مازالوا يعتقدون ان الشعب يمكن إستغفاله و تغييبه. نعم إن عامة الشعب لا تعي ماهي أهمية إنتخاب المؤتمر الوطني و لا أهمية كتابة الدستور الذي سيحدد أسم ليبيا الرسمي و شكل نظامها السياسي و مرجعيتها و السياسية و التشريعية و لونها و صبغتها و ثقافتها .
إن الإنتقالي يلعب على هذه الوتيرة و يسانده الإعلام بتضخيم ما لا أهمية له و التركيز على سفاسف الأمور مثل سرقة سيارة أو إقتحام مبنى حكومي أو حتى أقتتال بين مسلحين في حيٍّ أو على بقايا معسكرأو سرقة الملايين و التلاعب بمقدرات ليبيا . و هو بذلك يغمّم الأعين و يصرف الأذهان عما هو أجلّ و أكبر في حياة ليبيا الوليدة. و تكرّس الحكومة المؤقتة لذلك و من يسمون أعضاء المجلس بمعاملة الشعب الليبي بنفس ما كان يتعامل به المقبور. فمرّة يعطونهم 2000 دينار صدقة و أخرى يعلنون عن زيادة المرتبات وثالثة يتهمون أزلام المقبور بالتسلّق و أن ليبيا في خطر و رابعة يهاجم بعضهم بعضاً على تلكم الفضائيات أو يمجّد بعضهم الآخر أو يخلق بعضهم من بعضٍ أبطالاً من كذب.
إن الخطر الحقيقي هو في محاولة إستغفال الشعب و الركوب على ظهور الليبيين مرة أخرى بعد إستعبادهم أربعين سنة. إن ما يقوم به المجلس الآن هو نفس ما قام به القذافي بعد إنقلابه. فبعد ان خرج الشعب مؤيداً للإنقلاب متأثراً بالناصرية و القومجيين يرفع جريد النخل ظانّاً ان حكم العسكر خيرٌ من حكم آل السنوسي و حاشيته ، رجع الناس إلى بيوتهم و أستفرد القذافي بالحكم . الفرق أن في تلك الفترة كان الشعب أعزلاً و السلاح بيد الجيش الذي سيطر عليه الإنقلابيون و من ثمّ أغروه بزيادة المرتبات و بالسيطرة على عناصره. و عندما أستفاق الشعب على المؤامرة وجد نفسه في سجن كبير إسمه " ليبياجراد". اليوم يسير الإنتقالي على خطى ما سمي ب " مجلس قيادة الثورة". فها هو بعد أن خرجت الجموع تبايعه بدأ يبيعها لأعضائه ـ و قد تشابهت مجالسهم ـ و ليبقى في السلطة على أمل أن ينام الشعب نومة أهل الكهف .
و ثاني خطوة في تزوير الإنتخابات ليستفرد الإنتقالي و من تبعه ممن يدّعون أنهم محرري ليبيا ممن كانوا يحسبون على المعارضة هو ما صدر من قوانين متخبطة و منتقاة و مفصّلة على مقاييس أؤلئك الذين يريدون إقناعنا بأنهم سياسيون لدرجة أن بعضهم وبكل صفاقة طالب بأن يكافئوا بأن يُعطوا مقاعد في المؤتمر الوطني إجلالاً لديكتاتوريتهم . و من أهم الأخطاء القاتلة للمجلس قرار المفوضية العليا للإنتخابات التي "حددت الفترة من الأول من شهر أيار/مايو وحتى يوم 14 منه لاستقبال الناخبين في مراكز تسجيلهم ، فيما حددت الفترة من الأول من نفس الشهر وحتى الثامن منه لقبول المُرشحين من الأفراد والكيانات السياسية "، حسب ما اوردت وكالات الأنباء.
كيف يمكن لشعبٍ عاش في التيه السياسي لمدة أربعين عاماً و لم يدخل " أرض الديمقراطية " بعد ، أن نتوقع منه أن يستجيب في أسبوعين للتسجيل في السجلات الإنتخابية؟!! و لماذا كل هذه العجلة ؟ و لصالح من؟؟ و متى تكونت الكيانات السياسية حتى نعطيها فقط مدة أسبوع واحد للترشح؟؟!!!. لو كان المجلس تهمه الروح الديمقراطية لكان أمر مفوضيته العليا أن تُبقي باب التسجيل و باب الترشح حتى مدة أسبوعٍ أو أسبوعين من بداية الانتخابات الفعلية و التقدم لصناديق الإقتراع . ذلك أن تُعطى فرصةُ للمواطنين أن يستوعبوا أهمية الإنتخاب و كذلك للمرشحين أن يكوّنوا كياناتهم. لكن يبدو أن المجلس ليس فيه " عظمة ديمقراطية" كما قال عضو الكونجرس الأمريكي عن الطاغية ذات مرة. و الأمرّ و الأدهى أن أحداً لم يناقش شكل الدولة الليبية و لا نظامها السياسي و هل سيكون رئاسي أم برلماني أم سيبقى " برلماسي" على طريقة " المجلس الأنتقالي" الذي هو ، و لا عجب ، الرئيس و البرلمان في آنٍ واحد!!!.
و إمعاناً في ترسيخ التزوير ؛ فإن آليات تسجيل الناخبين و المرشحين ليست واضحة و يشوبها الغموض . و هذا لا يخدم إلا فئةٍ محددة و هي التي تدور في فلك الإنتقالي و المنتفعين من الجوقة السياسية و تجار الإزمات الذين رتّبوا أوراقهم لكي لا يخرجوا من الإنتقالي إلا ليدخلوا المؤتمر الوطني و يفصّلوا دستوراً على مقاسهم كما كان ينوي سيف القذافي و أبوه . لقد قال فنان عربي مثقف في لقاء له " إن أخطر أمرٍ يقوم به الفنان هو إستغفال المشاهد"!!. لقد كان يتحدث عن مسلسل يعلم كل المشاهدين أنه دراما من خيال الكاتب، فكيف فيمن يظن أنه قادرٌ على إستغفال شعبٍ خاض دراما قدّم لها أكثر من 30 الف روح.؟!!! أي أمرٍ يا ترى أخطر من ذلك؟؟!! و أي لعب بالنار و بمستقبل ليبيا يلعبه أعضاء الإنتقالي ؟؟؟!!!
لقد بدأت نتائج الإستخفاف بالمواطنين و الثوار تظهر على أرض الواقع و تبدو لكل ذي لبّ. بالأمس خرجت إحدى الكتائب المسلحة للثوار لتحاصر مقر سٌكنَى الإنتقالي و تطالب بمقاعد للثوار في المؤتمر الوطني و أن تمدد فترة التسجيل و الترشح . و لقد أشيع أن رئيسه قد وافقهم على مطالبهم و عين لهم 10 مقاعد كترضية . و لكن هل يستطيع 10 ثوار أن يغيروا من طريقة كتابة دستور ليبيا إذا كانت الأكثرية من أعضاءه لا تهمهم إلا جيوبهم و مصالحهم ؟؟!!! و كيف يستطيع 10 أعضاء أن يؤثروا في باقي الـ 200 عضو الذين سيصدرون وثيقة ميلاد ليبيا؟ إن من سيسيطر على عضوية المؤتمر الإنتقالي هم من سيتحكم في مصير ليبيا و الليبيين لمدة نصف قرنٍ على الأقل... فليس في كل يوم يكتب الدستور و لا يعدّل في كل حين. إن أغلب الشعب يعتقد أن الإنتخابات للمؤتمر الوطني هي فقط لتعيين الحكومة و لا يعلم أنها لتحديد مصيره و مصير الأجيال القادمة.
و ماذا عن مطالب باقي الشعب؟؟!! و هل سيخرج السيد المستشار في كل مرةٍ ليرضى أحدى فئاته ؟؟!!! لماذا نرى كل هذا التخبط و غياب الرؤيا السياسية للمجلس ؟؟. لماذا لا يرى المجلس الموقّر أبعد من أقدامه و من شرفات الفندق الذي يقطنه؟؟!! هل عقمت ليبيا ان تنجب من لهم رؤىً سياسية تخرج بها من عنق الزجاجة؟؟؟!!! و يتضح ذلك في القوانين التى تصدر جُزافاً و التي تفتقر لبعد النظر السياسي و لتحديد إنعكاساتها على المشهد السياسي و الأمني على الأرض.
من إحدى غرائب الفقه الديمقراطي للمفوضية أن المترشح لابدّ ان يكون موجوداً في دائرته..و إذا فرضنا أن أحد الثوار الميامين كان جريحاً يتعالج في ألمانيا أو في امريكا و أنه كفؤٌ للترشح عن دائرته ؛ لماذا تحرمه المفوضية من الترشح؟؟ و من يضمن أن هذا الثائر أو كتيبته لن تهاجم إحدى مقرات الإنتخاب أو الحكومة أو المجلس الموقر لتستخرج السيد المستشار و يعدّل لها قانون الإنتخاب كما فعل بالأمس؟؟!!! و هل من هم في الخارج ليسوا ليبيين و لا يحقّ لهم الإنتخاب أو الترشح؟؟؟ إن كان الأمر كذلك فأولى بالمجلس أن ينظر فيمن يتواطئون معه لتغميم أعين الشعب الليبي عن دور المؤتمر الوطني و خطورة إصدار وثيقة ميلاد ليبيا الجديدة متمثلةً في دستورها و أغلبهم كان و لا يزال يعيش وراء البحار.
لقد أستطاع القذافي أن يستغفل الشعب الليبي عندما كان الشعب أعزلاً و مغلوباً على أمره. لكن اليوم فإن السلاح منتشرٌ و الثوار وكل الليبيين واعون أن بلادهم ملكهم و أنهم من صنع ثورتهم بشهدائهم و بجرحاهم و دمائهم و دموع أمهاتهم . فلا يخاطر أحدٌ بمحاولة إستغفال الشعب ولا تحاولوا تمرير الأمر ببساطة ؛ فالشعب الذي أسقط الطاغية بالعصي و الفؤوس لن يصبر حتى يرى ثورته تسرق و يُردّ إلى رقّ الدكتاتورية و إن كانت مغلفةً في شكل برلمان أو مؤتمر وطني منتخب بطريقة ملفقة و ملفوفة و مرسومة مسبقاً . إحذروا يا هؤلاء ؛ فالشعب ليس مغفلاً و لا تظنوا أنه غافلٌ عنكم.
من جهةٍ أخرى قد تكون بعض المناطق مستعدة للإنتخابات و مهيأة و لكن أغلب المدن التى بها أكبر كثافةٍ سكانية ليس لها الوعي بخطورة هذه الإنتخابات مثل طرابلس و الزاوية و بنغازي و غريان و سبها. أغلب الناس ما يزالوا ينظرون إلى الإنتخابات بعين "التصعيدات" و هناك عزوف عن المشاركة لجهلهم و تجهيلهم المقصود . لكن إذا ظهرت النتائج كما تتمنى بعض الأطراف و ليس كما كان ينتظر الشعب ، فأذنوا بحربٍ لا يعلم إلا الله نهايتها و بفتنةٍ قد لا تصيب من أشعلها خاصةً. و كما قال الشاعر الشعبي " بلا قشوشة للنار...ءتشيط نوحلو في ردمها "...
هذا ردًّ عما تتناقله وسائل الأعلام من أخبارٍ مقتضبة و شحيحة عن أهم حدثٍ تمر به ليبيا الجديدة و هو إصدار شهادة ميلادها المتمثلة في دستورها . و كما قال جميل " و لكل كلامٍ يا بثين جواب".
و الله من وراء القصد .
ناصر بن خليفة , باحث في الدراسات الإستراتيجية و الدولية
للاسف هناك من يدعي انه من الثوار ولكنه اول من خان دماء الشهداء
ردحذفسرقتم اموال الشعب والان تهددون بالحرب . ان الشعب الذي اسقط ورفض حكم القذافي لن يدعن لمجموعة من الرعاع السراق الذين يأكلون الاخضر واليابس
ردحذفان اردتموها حرب فانتم ضد الشعب الليبي
كلامك صحيح أخي. مابردهم لاحشمة لا حياء صارلهم زي جماعة القذافي زمان من الأبل إلى اللبوات و السيارات الفارهة
حذفثوار الغنائم
ردحذفكفى تشكيكا وزرع للفتنه نحن سائرون بأذن الله نحو بناء دولتنا ولن ننظر الى الوراء والله كفيل برعاية هذه الثورة حتى نهايتها , لا ادرى ماذا تريدون, اعلم بان الشعب الليبى واع وعلى مستوى من المسوؤلية ولا يلتفت الى ماتحاولون بته واشاعته ياريت تطلعوامنها وتتفرجوا.
ردحذففكرة المومرة قعدين بافكار القدافى المركز ممتاله الشعب الدين يريد انجاح الانتخابات الذى قام بالثورة يعرف ايجاحه اما السرقه والاشياء الاخرى موجوده واكثرة المشكله موجوده صح وكله اشياء مهمه ومسوليه كيبيره ع المجلس العب غيرها
ردحذف" بلا قشوشة للنار...ءتشيط نوحلو في ردمها "
ردحذف