حتى لا تُلقى مرحلة القذافي بظلامها على المرحلة الحالية والقادمة على حدً سواء , وحتى لا نقع فى مُشكلة مُزمنة يصعب معها العلاج ولكى لا نلجأ إلى حلول فيها الكثير من التضحيات والخسائر فآخر الدواء الكى , هل يستطيع الليبيون نفض غبار تلك المرحلة ؟
للحصول على إجابات على هذه التساؤلات وغيرها لابد من إظهار الأمور علي حقيقتها حتى يتسنى لنا إيجاد الحلول الناجحة لها، ولعلاج الجروح لابد من كشفها وتعريتها أولا، ومن ثم علاجها, وقديما قيل إذا عرف السبب بطل العجب , والاعتراف بوجود المشكلة والتشخيص السليم لها في رأيي هما بداية الحل .
هناك مخلفات ثقافية أفرزها النظام السابق هي فى واقع الأمر السبب الرئيسي فى ظهور الكثير من التحديات التى تواجه اللليبيين فى المرحلة الراهنة والقادمة وعلى المدى البعيد ، ونتيجة لسيطرة النظام السابق على مقدرات الشعب الليبي والتحكم فيها من قبل مجموعة صغيرة من المتنفذيين وانتقاء عدالة التوزيع بالرغم من كثرة الموارد أي "الغزارة في الانتاج وسوء في التوزيع" الأمر الذى أدى بالكثيرين إلى اللجوء إلي طرق مبتكرة وملتوية بغية الحصول على نصيب من تلك المقدرات حتى ظهرت مفاهيم دخيلة وجديدة كالقول السائد أنه" مهما أخذت من مال الدولة فإنها لاتوفيك حقك " ، "وهو رايح رايح " وراح الكثيرون إلى أبعد من ذلك بأن حلل البعض ممن ادعوا بالمشايخ سرقة مقدرات الدولة وإباحة التهرب من دفع الضرائب والرسوم أو العمل على الحصول على المكافئات التي تمنحها الدولة من حين إلى اخر لفئات معينة بوجه حق أو بدونه بحجة "خير ما يذهب للعبيد أو لصغاره " .
وقد سلك النظام الهالك مسلكا أراد منه إرساء ثقافة دخيلة على مجتمع محافظ مثل المجتمع الليبي من شأنها إلهاء وإشغال أفراد المجتمع بالمصالح الشخصية حتى نُعت من تولى أحد المراكز الإدارية ولم يكون ثروة من خلاله بالغبى أو " رأسه مسكر " كما كان يقال أو أنه ما "شغلش دماغه "حتى بات كل من يدير جهه عامة بمثابة المالك الأصلى لتلك الجهه وكل ذلك بعلم الحاكم الأوحد والسبب الرئيس لهذ النهج الغريب الذي سلكه ذلك النظام هو أن ينأى بالجمهور بعيدا عن السلطة وعن التفكير بالسياسة ،وتفنن بأن أوجد لعبة سياسية أسماها السلطة الشعبية خادعا بها بسطاء الشعب ، فهذه هي الجزرة وأما العصاة فحدث ولاحرج من إعدامات بدون محاكمات و قتل بالجملة وسجن وتعذيب و إبعاد الي ماذلك من وسائل القمع والإذلال والقهر بحيث كانت تلك العصاة عصا غليظة تعكس حب مستعملها للتسلط والانفراد وحب الذات والأنانية. ومما زاد الطين بلة توفر الموارد المالية وبالتالي الإمكانات لتوطين ذلك المسلك الغريب مستخدما الإعلام بكل وسائله و التعليم بمناهج تخدم الحاكم المنفرد بالسلطة ، وساعده على تحقيق ما أراد بساطة وطيبة الشعب نفسه واعتقاده بأن الحاكم دائما يراعى المصلحة العامة .
كانت الحشود والتجمعات للجمهور بمثابة الغول المخيف للنظام المتردي, لهذا عمد إلي تقسيم الشعب إلي شرائح صغيرة وميز منها ما أراد تميزه قصد إيجاد رادع لأى واحدة منها قد يذهب بها الخيال إلى التفكير فى مغامرات السياسة.من هذه الشرائح ميز واحدة لنفسه أسماها "اللجان الثورية " , كانت اليد الطولي للنظام الطاغوتي وأداته لتنفيد قراراته وسياساته فى كافة المجالات . ولايعدم نظاما يمتلك الإمكانيات الضخمة والموارد الكبيرة أن لا يجد من يقوم له بكل الأدوار اللازمة والمطلوبة لتحقيق مآربه الوضيعة .
ومن نافلة القول أن ماحدث فى ليبيا كانت نتيجته بنية اجتماعية استهلاكية، ونكون غير مخطئين إن قلنا متخلفة، تشكلت مع المفاهيم الثقافية السلبية عقبة أمام تطبيق الديمقراطية ، وبالتالي أعاقت خطط التنمية المنشودة . ولعل أخطرها فى رأىي هو اعتبار الدولة هى الأم التى ولدت وعليها أن ترضع وترعى وتتكفل بجميع متطلبات وليدها الذى لن يغادر حجر أمه ليعتمد على نفسه على اعتبار أن الدولة ملزمة في نظر الليبي بتحقيق كل رغبات مواطنيها من تعيين فى الوظائف الحكومية و سكن وغير ذلك .
ولإرجاع القطار المنحرف إلى مساره السليم لابد من اصلاح اعوجاج سكته والنظر في الأسباب التي أدت إلى ذاك الاعوجاج وعلاجه كى لاينحرف مرة أخرى .
وللعمل على إرساء مفاهيم جديدة تخدم الأهداف النبيلة لتكون أساسا متينا لخلق ثقافة إيجابية من شأنها الدفع بالمجتمع إلى تحقيق غاياته يجب أن نعترف بأننا بحاجة ماسة وملحة إلى متابعة دقيقة ودراسات مستفيظة بغية الوصول إلى علاج شافى لكل الأمراض الاجتماعية والقضاء على كافة الضواهر السلبية المعيقة لتقدم المجتمع وخلق مناخ ملائم لإحلال المفاهيم الثقافية الايجابية بدلا تلك المفاهيم السلبية الهدامة بغية الوصول إلى دولة الحرية والسعادة والديمقراطية والرفاهية متبعين في سبيل ذلك ما يلى :
1- وضع خطة عامة لتقوية الوازع الدينى وترسيخ المفاهيم الإسلامية الحنيفة لما لها من أثر بالغ فى النفوس وتقويم السلوك للفرد والجماعة باعتماد محاضرات منبثقة عن منهج معد لهذا الغرض تلقى عبر منابر المساجد وأدوات الإعلام المتنوعة وفى المدارس وأماكن العمل مستهدفة كافة شرائح المجتمع من طلبة وموظفين وعمال وغيرهم
2- تفعيل القوانين وسد الثغرات الموجودة فى مواده وخاصة فيما يتعلق بالعقوبات الرادعة للأفعال التى من شأنها التأثير على سلوك الفرد تأثيرا سلبيا كاستغلال الوظيفة والوساطة والمحسوبية ونهب المال العام وغيرها , على أن تكون الدولة معتمدة على القانون فى تسيير شؤونها لاعلى الضمير لأنه لايعدم أن تجد من لا يردعه ضميره عن ارتكاب الأخطاء والتقاعس عن أداء واجباته . 3- الاهتمام بتنشئة أبنائنا تنشية إسلامية صحيحة مبنية على حسن الخلق والمعاملة وزرع روح المثابرة فيهم وتشجيعهم على طلب العلم وتحبيبهم للفضائل وحثهم للابتعاد عن الرذائل
إن مهمة الوصول بالمواطن إلى اعلى درجات الرقى والتحضر فى اعتقادى مهمة ليست بالمستحيلة فى المجتمع الليبى لأن بذور الخير موجودة أصلا فى نفوس الليبيين ولهذا فإن الحل سوف يأتى من أنفسنا لامن غيرنا أو يساق إلينا بل نحن من سيصنع الحل .
صلاح صبرى المقطوف
(عقيد في الجيش الوطني_ المجلس العسكري لمدينة الزاوية )
salahsabri66@yahoo.com
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفلا تنهى عن شيء وتاتي بمتله ، عار عليك إن فعلت عظيم .
هكذا يقول المثل بأهلنا في هذه القناة ، فكيف يستقيم الظل ما دام العود أعوج .
والـــــــــــــــــــــــلام عليكم
وعااااااااااااااااااااااااااااشت ليبيا حرة