الاثنين، 27 فبراير 2012

مطلوب رئيس ديمقراطي فذ للثورة الليبية


 تميزت الثورة الليبية عن ثورات الربيع العربي بانها ثورة شعبية مسلحة. وهكذا ثورات وخاصة عندما تكون في بيئة قبلية تكون احتمالات المخاطرة على الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي بل على كيان الدولة عالية جدا. لا جدال بان قيادة الثورات المسلحة عملية معقدة وصعبة، وتتطلب قيادة او قائدا يتمتع برمزية ونزاهة وامانة ثورية، وبعد نظر وشجاعه وايمان بالاهداف الاستراتيجية للثورة.
المشهد السياسي للثورة الليبية على مدى عام، مشهدا يستحق الدراسة والتحليل والتقييم، ومدخلا ثوريا ووطنيا للتساؤل. اذ يلاحظ المراقب لذلك المشهد الاداء الرائع والباهر للثوار والشعب الليبي في التعامل مع مقتضيات وارتددات الثورة. في المقابل يرى موقفا غريبا وغامضا واداء بطئا مترددا تنفصه الرؤية والجرأة والشجاعة والشفافية لرئيس واعضاء المجلس الوطني الانتقالي، ورئيس وأعضاء الحكومة الانتقالية. هكذا وضع دفع الكثير من الثوار وافراد الشعب الليبي وكذلك المهتمين والمبهورين بالثورة الليبية الى الاعتقاد بان الثورة الليبية تواجة ازمة قيادة. هذه الازمة اذا لم يتم الوعى بها وادراك مخاطرها على مسار الثورة وعملية التحول الديمقراطي في البلاد ربما تقود الثورة والبلاد الى مفرق طرق خطير جدا لا يستطيع احد التكهن باتجاهاته ونهاياته.
رئيس المجلس الانتقالي ورئيس الحكومة الانتقالية غير قادرين لعدة أسباب وظروف صعبة على سد الفجوة الانتقالية اللازمة للانتقال من مرحلة الثورة الى بناء الدولة الديمقراطية الدستورية بشجاعة ورؤية استراتيجية. لا يوجد كثيرا من الجدال بان السيد المستشار مصطفى عبدالجليل محل اجماع وطني لدى جل الليبيين من حيث الطيبة والصدق والنزاهة، والتموضع المبكر لهذه الشخصية الوطنية في قيادة الثورة في اعقد واصعب مراحلها. ولكن هناك جدلا كبيرا حول اهمية هذه الخصال القيادية في هذه المرحلة الانتقالية الصعبة التي تتطلب رجلا او رئيسا واضحا فذا لا يتردد في اتخاد قراره، و لايجامل شخصا او جماعة او فكرا او قبيلة او جهة ما في سبيل تحقيق اهداف الثورة الاستراتيجية، وبناء دولة مدنية ديمقراطية معاصرة. لا يمكن ان نراهن على الطيبة والنزاهة وغيرها من الخصال الانسانية الحميدة لبناء دولة مدنية ديمقراطية. هكذا رهان قد يكلفنا فقدان وضياع وطن أسمه ليبيا.
ولا نشكك ابدا في كل الجهود الصادقة والمضنية التي يبدلها السيد رئيس واعضاء المجلس الوطني الانتقالي، ورئيس ووزراء الحكومة الانتقالية للعبور بالشعب الليبي لشاطئ الامان والدولة الديمقراطية العادلة. ولكن ايماننا بان هدف ثورة 17 فبراير الاستراتيجي كان ومازال وسيظل بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة يدفعنا الى تبنى منهجية النقد الموضوعي والتحفيز الديمقراطي لضمان عملية انتقال عادلة وسريعة. ونرى بان ليبيا تنتظر وفي حاجة الى رجل وطني ديمقراطي يكون قادرا على ادارة عملية الانتقال الثوري العادل بكل ابعادها ومخاطرها نحو دولة ليبيا الجديدة، دولة القانون والمؤسسات. ما نحتاجه في هذه الظروف الانتقالية الصعبة المتميزة بالازمات المتوقعة والغير منظورة رجالا ونساء يكونوا ويكن لهم ولهن من القدرات والامكانيات والسمات القيادية التي تشد وتجذب وتحفز كل الثوار وافراد الشعب الليبي وتقنعهم طواعية بالاصطفاف خلفهم والعمل معهم لتحقيق اهداف الثورة الاستراتيحية. ليبيا تنتظر رجلا و رئيسا يرتكزعلى ثقافة وافكار وطنية، ويؤمن بان بناء الدولة المدنية الديمقراطية هدف استرتيجي لثورة 17 فبراير. رجلا لم يكن طالبا او خريجا للمدرسة الاستبدادية او القبلية او العسكرية او الشليلية، وانما تخرج من مدرسة ثورة 17 فبراير، وحظر بجدارة وبفاعلية وبدون غياب كل مساقات ومراحل ثورة 17 فبراير ومند يومها الاول وحتى يومنا هذا.
الثوار والليبيون يريدون رجلا يكون قادرا بشجاعته ومعرفته وخبرته وحنكته ان يحول الحلم الثوري الليبي الذي ابهر العالم لدولة ديمقراطية، والاشراف القيادي المميز على ميلاد نموذج بناء الدولة المدنية على الارض الليبية... لا يريدون رجلا أو رئيسا يكون بطئيا في ردة فعله، وغامضا ومترددا في اتخاد قراراته ولا يتحمل تبعياتها، ومتشائما في نظرته للمستقبل القريب والبعيد. يريدون رئيسا او رجلا يعي ويعيش ايقاع الثورة السريع، ويثير الرأي العام ويوضح له في كل يوم وكل ساعة اذا تتطلب الامر الاوضاع والمتغيرات والاختناقات والاحتقانات، ويبين لهم استرتيجية وفلفسة وخطة العبور بليبيا نحو شاطئ الامان.
لا يريد الثوار والليبيون رجالا ووزراء مفصولين عن واقع الثورة لوجودهم خارج البلد لفترات طويلة أوتمتعهم بجنسية ثانية للطوارئ مع احترامنا لوطنيتهم التي لا نشك فيها ابد، ويهمشون الشرفاء الذين رفضوا مغادرة هذه البلد رغم قدرتهم على ذلك. يريدون رجلا ورئيسا يفهم ويعي حركة الثورة الشبابية، ويستطيع ان يتخد القرارات والاجراءات العاجلة التي تؤكد القطيعة الرمزية مع النظام السابق شخوصا ومنظومات، و لا تُفرض عليهم شخصيات تحمل قكر وثقافة النظام السابق، عملت في مواقغ قيادية متعددة بمنظومات الدولة السابقة. هل يقبل الليبيون الشرفاء وزراء في الحكومة الانتقالية كانوا يرقصون ويمجدون رمز العصر السابق، ويطبلون لمسيرته، ويتصدرون اليوم للاسف الصورة التاريخية لاول حكومة وطنية انتقالية بعد انتصار الثورة.
الثوار والليبيون يريدون رجلا ورئيسا وطنيا لا يضيع على الشعب الليبي لحظة تاريخية لم تتوحد فيها ليبيا شعبا وارضا متل ماهي عليه اليوم في تاريخها القديم والحديث، ويبادر بدون تردد او حسابات خاصة في بناء دولة ليبيا الديمقراطية. نريد رئيسا ورئيس وزراء قريبا ومتفهما للابعاد الثقافية والنفسية والثورية للشباب الذين اشعلوا هذه الثورة واعطوها الشرعية من اجسادهم ودمائهم، وبالتالي يكونوا اباء ثوريين لشباب الثورة المتحمس والمنتشي بنكهة الانتصار ونسيم الحرية .
ليبيا تنتظر رئيسا و رئيس وزراء يحاكمان نفسهما ويقيما عملهما في نهاية كل يوم، ويجيبا على جملة من التساؤلات اهمها: هل اقوم بتأدية الامانة الثورية؟ هل أمثل رمزية ثورة 17 فبراير؟ هل ادائي وجهدي ومعرفتي وخبرتي تساهم في بناء ليبيا الجديدة، وتختزل زمن المرحلة الانتقالية الضبابي؟ هل اعمل على حقن كل نقطة دم تسيل وبغير مبرر بعد التحرير؟ هل كل من حولي في المجلس الوطني الانتقالي ومجلس الوزراء يحسون ويحملون الرمزية والاهداف والطهارة والشفافية الثورية التي ارتكزت عليها ثورة 17 فبراير؟ نريد رئيسا ورئيس وزراء يقول بالصوت العالي انني اتحمل المسؤولية امام الله والشعب الليي والثوار لنقل ليبيا الى شاطئ الدولة الديمقراطية.دولة القانون والمؤسسات، ولا نريد رئيسا يستند على ثقافة التبرير الضعيفة لتحميل المسؤولية لاطراف معرقلة لبسط الامن والاستقرار غير قادر على مواجهتها استجابة للحياء الاجتماعي او عدم وجود الهمة القيادية او مجاملة ومحباة لها. ليبيا تريد رئيسا ورئيس وزراء له الحكمة والبصيرة وخصائص الرجل الوطني الديمقراطي الذي يكون قادرا على جبر الضرر الاجتماعي والنفسي الذي اصاب هيكل وبنية المجتمع الليبي خلال الثورة بمنهجية وعمل منظم من قبل النظام السابق وكتائبه ومنظوماته الامنية والقمعية. وعندما بنجح الشعب الليبي في إنتخاب هكذا رئيس ورئيس وزراء لن تجدا ثائرا واحدا يرغب قي التمسك بسلاحه او موقعه، أو يقف ضد شرعية دولة القانون والعدالة والمساواة...الثوار مازالوا ينتظرون... ويحسون ان أمن الثورة وليبيا مازال مهدد، ويقع في مسار رياح مدمرة.
أ‌. محمد طارق الخلدوني

هناك 5 تعليقات:

  1. الرئيس الديمقراطي جاي في شهر يونيو فما فبش داعي لسياسة حرق المراحل و الإبحار نحو المجهول فالفرق مجرد عدة أشهر تُعَد على أصابع اليد الواحده .

    ردحذف
  2. اقترح عبدالله ناكر ولا الهادي شلوف الرجل المناضل الوطني

    ردحذف
    الردود
    1. أتقي الله معمر ولاناكر ههههههه

      حذف
  3. Dr Ali attarhoni would be better for presidency

    ردحذف
  4. الرماح التير28 مارس 2012 في 3:22 ص

    أشكر الدكتور على هذا المقال الرائع والبصيرة الفذه .... فعلا نحن في حاجة الى رجال اقوياء وخبراء في نفس الوقت .. الحازم العادل ...نسأل اله ان يوفق شعبنا الى اختيار الأفضل وأن ينجي البلاد من الفتن

    ردحذف