أهــلنا في الجنــــوب بين مــطــرقة التهميش الداخـلي و سنـــدان التجاذبـات الخـــارجية

أهــلنا في الجنــــوب بين مــطــــــــــرقة التهميش الداخــــلي و سنـــدان التجاذبـــات الخـــارجية


الوضـــــع في الجنــوب خــطير و سيـــستمر كذلك اذا لم يتم التصرف معه بذكـــاء .... لمـــاذا ؟
من يسيطر عن الجنوب الليبي فعلـــياً ؟ انهم: الطـوارق و الـــتبو فتواجدهم يضم عــدة مــدن و قــرى في الجـــنوب اللــيبي ، منها : الكـــفره و غــــــات و غدامــــس و درج و أوباري و ادري و مـــرزق و سبـــها ولا يكاد تخلى منهم قرية او مدينه. هذه القبائل لا تقطن ليبيا فقط بل لها امتدادات في دول الجوار ، فالتوارق يقطنون ليبيا و الجزائر و النيجر و تشاد و مالي ايضاً و التبو يقطنون ليبيا و تشاد و السودان ، اي ان الحدود الليبية تقطع مناطق تواجد هــذه الجماعات. فمن جهة هم ليبيون و يمتعون بحق المواطنة و من جهة اخرى فلهم ابناء جلتهم في دول اخرى فقيرة و تواجه الكثير من التحديات جعلت سكانها يستفيدون من هذه الميزة اما بتهريب البضائع و الممنوعات عبر الحدود او بتهريب البشر مقابل حفنة من المال علّ المهرب يوفر بها قوت ابنائه او يشتري لهم ما يقيهم صقيع ليل الصحراء . و ما يخيف اكـــثر في هذه الظاهرة هو استغلال السياسيين و صناع القرار واجـــهزة المخابرات العالمية لهدة الجماعات و ما تتمتع به من ميزة الأزدواجية - إزدواجية الاقامه .
ظــــهر هذا جليـــاً واضحــاً في ازمــة (الكفره). بــدأت المشكلة بين قبيلة (الزويات) و (التبو) بسبب ترسبات من عــهد المقبور ، ومــا كان من التــبو الا أن استعانوا بتبو تشاد بحكم انهم ابنــاء عرق واحــد و سيقوم "تبو" الكفره بــرد الجمـــيل اذا ما تعرض تبـــو تشاد لأي طــاريء.

كـــيف ستتصــرف الحـــكومة اللــيبيــة مـــع هذه المعضـــلة ؟

اولاً لــنرى كيف كان القدافي يسيطر على هـذه الجماعات، واقصد بالجماعات هنا بعض الافراد المنتميين الى الطوارق و التبو و الدين يجيدون التعامل مع الحكومات و أجهزة مخابراتها و لا أعني المدنيين العاديين من اخوتنا التبو و الطوارق .
كـان القدافي (يستخدم) هذه الجماعات ويتلاعب بها وكلها وعود كادبة ، فتارةً يعد بعض من من لا يملكون الجنسية بالحصول على الجنسية ، وتارة يدعمهم بالمال في حروبهم مع خصومهم في دول الجوار ، او قد يصنع منهم قوى معارضةٍ ضاربة لإيــذاء دول الجوار و تهديدها و تركيعها . و لجعل الغير ينفدون مخططاتك لابد لك من تمويل و لا يجد القدافي مشكلة من هذه الناحية فبئري نفــط في الحمادة او اوباري كفيلين بتغطية مستحقات هــذه الجماعات مادامت ستبسط له سلطانه على دول الجوار .

إذاً لم يكن القذافي يسيطر على هذه المنطقة بالقوة و رغم أُنوف اهلها، فبالرغم من تبعية بعضهم لأقرانهم في الدول الاخرى إلا انه احتواهم وإن بطريقة خبيثة ! .
علــى الحكومة الآن ان تتعامل بكل سياسة و رفق اتجــاه هــدة القضية وبأسرع وقت ممكن فكما سمعنا ان العديد من تبو تشاد او طوارقها يستلمون بطاقة ثائــر او حتى بطاقة شخصية في غضون 5 دقائق في بعض المناطـــق التي اهملت بعد الثورة كمدينه " مــرزق".
إن شعور سكــان الجــنوب بالاهمـال و التهميش هو ما جعلهم ينكفـِــؤن على بعضهم و يتقـوقـعون بمنأى عن " الحكام الجدد " ، فلم تفعل الحكومة ما يقنعهم بالإنزواء تحت جلبابها، بــل مازالت اموال ا بناء القدافي و زمرته الهاربة تجد لها طــريقاً الى جيوبهم في غياب دعم من الحكومة الجديدة
و من المسلمات انه لا قــدرة للحكومة لبسط سلطــانها على الرمال إلا بإعانة و دعــم من اهــلها، فالقاطـــن في الجــنوب الليبي أو الزائر لبحر رمـــاله يدرك جــيداً استحــالة مراقبة حـــدود بتلك الطـول و هــي تقطع ارضاً بتلك التضاريس الموحشة . و للتأكــيد، سنجري مقارنة غــير عادلة مع امــريكا العظــمى، فالبرغــم من استعمالها للتكنولجيا الاكــثر تطوراً و بالرغم من سهولة التضاريس مقارنة بالصحراء الكبرى إلا انها ما تنفك تعاني من شــلال الهجرة الغير مشروعة والتــهريب على حدودها مع المكسيك .
بنــاءاً عليه و اذا ارادت الحكومة فعلاً ان تلم ما تشتت في عهد القدافي او حتى في عهد الثورة فإنه علــيها ان تُشعر كل ليبي بأنه مهم وأنه جــزء فعــال في النسيج الليبي و لعل أول من يجب البدء به هم سكان الجنوب و حرس الحدود . يجب على الحكومة ان " تحتوي" طوارق و تبــو ليبيا وأن تدفع كل ما من شأنه أن يشعــرهم بإنتمائهم و و طنيتهم للــيبيـــا ، وأن تشعرهم أنهم متميزون عـــن غيرهم من أقرانهم في دول الجـــوار .... إذا لم يتحقق هـــذا في اسرع وقــت فإننـــا سنظـــل في الحلـــول المؤقتة و التي تؤجـــل المشــكلة بدل حاــــها . فسكان الضـــحراء لهـــم نفس طـــويل للمواجـــهة !.

هــذا اذا كنـــا نطــــمح الـــى جعــــل لــيبيـــا مستقرةً علــى المدى الطــــويل .

بقلم \ عباس الازهري