الثلاثاء، 21 فبراير 2012

عشرة افكار


منذ أربعة عشر عاماً جاءني شاب يملؤه الحماسة والنشاط طالباً مني النصح حول كيفية بدء مشروع إنتاج أجبان بيضاء، حيث إن قريته بأطراف مدينة المنصورة في مصر اشتهرت بإنتاج هذه الأصناف، وفيها اثنين وعشرين مصنعاً تتسابق فيما بينها لإنتاج نفس المنتجات. وفوجئ هذا الشاب بسؤالي عن العبوة التي يتم فيها تعبئة الأجبان وأخبرني أنها من صفيح معدني مجلفن ذي اشتراطات معينة، ويتم جلبها من أقرب مصنع لهم في مدينة الإسكندرية والتي تبعد عن قريته بأكثر من ثلاثمائة كيلومتراً .

وهنا وضحت الفكرة في خاطرنا معاً وسبقته قائلاً لماذا تود أن تكون المصنع رقم ثلاثة وعشرون في حين يمكنك أن تكون المصنع الأول الذي يتسابق عليه المصانع الاثنين والعشرين الأخرى الذين يذبحون بعضهم بعضًا منافسة وبما يعرف بـ(حرق) للأسعار والجودة.

بدأ صديقنا بمكبس اكسنتريك صناعة محلية إضافة لبعض الأدوات والمعدات البسيطة والخامات المحدودة لم يكلفه حينها مبلغ 10.000 جنيه (يوازي حالياً 1.700 دولار) . والآن هناك خط إنتاج حديث وفرن وخط للطباعة الحديثة الملونة وإجمالي أصول تقدر بمبلغ مليون ونصف جنيه (حوالي 260.000 دولار) . وهناك بالمعسكر الآخر بعد هذه السنوات لم يتبق على قيد الحياة سوى سبع مصانع أجبان بعد أن لفظ السوق الهزيل منها. إن موضوع التقليد في عالم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لهو أشبه بالعدوى ، حيثما ترى مشروعاً ناجحاً ترى العشرات يكررونه بنفس المدينة بنفس الحي بنفس الشارع ليسقط الجميع. وإذا كان البعض ُمصراً على التقليد فعليه أن يبدأ فيما انتهى إليه الآخرون من تطوير وتحسين فالسوق لا يرحم والزبون أذكى من الجميع. ولكن كيف لنا بتوليد واختيار فكرة جيدة للمشروع الصغير تعتبر الفكرة هي اللبنة الأولى للمشروع ، وقد يكون لدى كل منا العديد من الأفكار التي يمكن أن تؤدى - في حالة دراستها جيدا- إلى مشروعات ناجحة. فمهما كان النشاط الذي ستختاره، تأكد من أنك تحب القيام به ، وأن الآخرين على استعداد لدفع الثمن من أجل الحصول على منتجاتك أو خدماتك. وتأملوا معي هذه الأفكار العشر للمساعدة في الحصول على فكرة مناسبة لقدراتك.

* أولا: عندك هواية؟! .. حولها إلى مشروع
فإذا كنت تهوى الصيد ، افتح محلاً لأدواته. وحول حبك للحلوى إلى حب لصناعة الحلوى. وعندما تضع نفسك مكان العميل ، فإنك تزيد من فرصة نجاحك كرجل أعمال. ربما لم تكن عند عبدالله الشعالي بطل السباقات البحرية في الإمارات أي فكرة عن المستقبل الذي سيصل إليه اليوم، فهو يملك أحد أهم شركتين لصناعة اليخوت والقوارب في الشرق الأوسط. إن جوهر قصة نجاح الشعالي هي شغفه وحبه للبحر وعالم البحر الذي أعطاه التصميم والإرادة لخوض هذه التجربة. بدأ عبدالله الشعالي بطلا للسباقات البحرية في الفئة الأولى، وخاض العديد من البطولات المحلية والعالمية وحاز على العديد من الجوائز، ومن واقع خبرته بالقوارب التي كان يقودها اكتشف إمكانية أن يضيف ويعدل في السرعة وقلة المقاومة للماء وانسيابية الشكل ومقاومة الهواء والقدرة على الاحتمال في ظروف الخليج القاسية من حرارة شديدة ورطوبة ، ومن هنا جاءت فكرة منافسة المنتج الأجنبي بالنوعية والتميز والسعر، وأدرك عبدالله الشعالي أن ابن المنطقة هو الأقدر على معرفة احتياجاتها وخصوصيتها. لاقت المنتجات التي قدمتها (الشعالي مارين) الشركة التي أسسها عبدالله الشعالي نجاحا كبيرا ، واليوم فإن (AS MAREN ) علامة تجارية تنافس بشدة ومطلوبة من قبل خبراء ومقتني اليخوت بكافة أنحاء العالم.

* ثانيا: هل تبحث عن منتج أو خدمة ولم تجدها في بلدك؟!
حاول توفير ما كنت تحتاجه و لا تجده إن إحدى أشهر شركات طبع الأفلام في أوزبكستان بدأها صاحبها عندما لم يجد محلا لطبع أفلامه هناك . واليوم تساوى شركته ما يقرب من 100 مليون دولار. أما في منطقتنا العربية وفي إحدى الأمسيات وبينما كان الشيخ سعود بهوان في سلطنة عمان يتفقد إحدى مشاريعه المرتبطة بالسيارات.. وسأل إحدى السائقين .. ماذا عساي أن أفعل إذا تعطلت سيارتي وأصبحت في حاجة إلى المساعدة في الليل ؟..ورد السائق ليس عليك إلا الانتظار إلى الصباح. ولم يمرر الشيخ سعود هذه الملاحظة وقرر إنشاء مراكز خدمات تعمل بشكل متواصل على مدار الساعة بكل أيام السنة..لإرضاء زبائنه. الآن يمتلك إمبراطورية تشتمل على الآلاف من الموظفين والمئات من الفروع وملايين الأصناف.

* ثالثا: فتش عن المشاكل .. وابحث عن الحلول بطريقتك
اسأل كل من حولك عن المشاكل اليومية التي تواجههم، فقد يشيرون عليك بأفكار جديدة.

* رابعًا: ابتكر فكرة جديدة
عندما تقدم شيئًا مختلفًا عما يقدمه الآخرون، سوف تستقطب شريحة من السوق تستهدف هذا الاختلاف، وهذا يعني أن السلعة أو الخدمة التي تقدمها يجب أن تكتسب صفة فريدة، ويجب أن تعرفها أنت وتعرِّفها لعملائك. ونتائج هذه المغامرة لا تعترف بالحلول الوسط، فإما أن تنجح نجاحًا باهرًا أو تفشل فشلا ذريعًا. فعلى سبيل المثال سلاحف النينجا بدأت بتقليعة ، وانتهت إلى صناعة.

* خامسًًا : قدم عملا مفيدًا
عندما تنظر إلى مجتمعك المحلي وتتلمس احتياجاته ، يمكنك عندها الوصول إلى فكرة جيدة لمشروعك. فالمهندس صبحي بترجي بالسعودية عندما فكر في انجاز حلم والده بتوفير خدمات رعاية صحية لمجتمع جدة من خلال صرح طبي متميز في كل شئ، كانت هذه بداية فكرة المستشفى السعودي الألماني الذي انطلق من جدة ثم إلى عسير والرياض والمدينة المنورة واليمن والقاهرة وقريباً إلى أثيوبيا ونيجيريا وحلم المهندس صبحي الحالي هو بناء وتشغيل ثلاثين مستشفى في العالم العربي والإسلامي وإيجاد خمسين ألف وظيفة بحلول العام2015 م.

* سادسا : ابدأ من حيث انتهى الآخرون
يمكنك أن تستفيد من التطورات الحاصلة بالعالم من حولك، ففي الوقت الذي كان فيه التجار يوردون أثاث المكاتب وتجهيزات بسيطة أدخل عبد الرحمن الجريسي للسوق السعودية مجال تقنيات المكاتب وتجهيزها بادئاً بمبلغ 40.000 ريال، واختار التركيز في مجال تقنيات المعلومات والشبكات الكومبيوترية ومن بداية بسيطة حيث كان يعمل معه شخص واحد فقط الآن يعمل في الشركات التي يمتلكها 5 آلاف موظف وعامل منهم 4 آلاف موظف يعملون في مجال التقنية وقد كان أول من جلب جهاز كومبيوتر للبيع في السوق السعودية وكان ذلك في بداية السبعينات الميلادية عندما انتشرت أنباء استخدامات الكومبيوتر في دنيا الأعمال.

* سابعا : ابحث عن الأسواق الناشئة
ابدأ في الأسواق البكر التي لم يلتفت إليها الكبار ، و لا تنسى أن هؤلاء الكبار بدأوا صغاراً. فهناك رفيق الحريري – رحمه الله- الذي قبل تحد فيه الكثير من المغامرة من خلال اشتراكه مع شركة "أوجيه" الفرنسية في إنشاء فندق في الطائف ، في فترة تسعة أشهر ، بعدما اعتذرت شركات كبرى عن قبول هذا التحدي في حينه ، ليلاقي أول إنجازاته الكبرى ويؤسس بعدها "سعودي أوجيه" وينطلق في عالم المال والأعمال.

* ثامنًا: نفذ فكرة قديمة بأسلوب جديد
الشيخ صالح الراجحي في السعودية يقول "إنني كنت أجلس في إحدى الساحات في الرياض قديمًا وأبسط لأقوم بصرف النقود للناس (تغيير العملة) وكان الناس يتهافتون علي للصرافة البسيطة جدًا. وعندما افتتح لأول مرة محلا للصرافة عام 1366هـ انطلقت منه مجموعة الراجحي التجارية التي أصبحت الآن إمبراطورية مالية لا يحب الشيخ صالح أن يعلن عن رقم محدد لها.

* تاسعًا: أدخل تحسينات على ما يقدمه الآخرون
يعتبر هذا مدخلا بديلا عن ابتكار أفكار جديدة، فمثلا ماكينة الخياطة سنجر لم تخترع الماكينة، و لكنها أضافت إليها تطوير الحركة الميكانيكية بالرجل بدلا من اليد.

* عاشرًا: ابتكار أفكار جديدة
تعتبر شركة تميمة مثالا للابتكار حيث تقوم بشراء براءات الاختراع ثم تصنعها بكميات صغيرة وتقوم بتسويقها من خلال نظام خاص ومبتكر للتسويق، كذلك ابتكرت شركة بروكتر آند جامبل نوعًا جديدًا من مساحيق الغسيل للقضاء على مشكلة تغير الألوان بعد تكرار الغسيل مما زاد الطلب لى المنتج.

(من كتاب ابدأ مشروعك الصغير.. ولا تتردد! للدكتور نبيل محمد شلبي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق