اقفل عينيك قليلا... حاول أن تعود بذاكرتك إلى الوراء... إلى يوم 15
فبراير 2011.. الأمن الداخلي واللجان الثورية وصور المردوم تملأ كل
مكان.. الخرقة الخضراء في كل بقعة.. المعارضون في الخارج أفنوا عمرهم وهم
ينتظرون شم تراب ليبيا.. بعضهم مات و دفن في الخارج.. البلاد تتجه
باستمرار نحو مستقبل مظلم وكتائب المقبور تزداد قوة وتجهيزا كل يوم...
أبناء المقبور وعائلته يحكمون كل صغيرة وكبيرة في البلاد...
والنكتة الشائعة التي كان يرددها التوانسة والمصريين في بداية فبراير: "
طبسوا لوطة خلوا الرجال يشوفوا بعضهم"
ثم ... ثم... ثم
أحيانا لا أكاد أصدق ما حدث في ليبيا... نعم لقد فقدنا كثيرا جدا من خيرة
أبناء هذا الوطن الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حياة أفضل لأجيالنا
القادمة... تمر على ذاكرتي أسماء كثيرة: أتذكر نداءات عائلات أبوسليم
الشجاعة,, أتذكر عادل الحاسي وشجاعته النادرة,,,, أتذكر وقفة شيوخ
الزنتان في وجه جبروت الطاغي دون أي حسابات عسكرية أبدا,,, أتذكر العقيد
القذافي الذي تمت تصفيته يوم 17 فبراير في كتيبة الجارح لرفضه إطلاق
النار على المتظاهرين الذين خرجوا بصدور عارية.. أتذكر الطفلة رقية
الحاسي وكيف فجروا دماغها في يوم 18 فبراير.. أتذكر المهدي زيو
وبطولته... أتذكر شباب بنغازي الذين لم يتوقفوا عن مهاجمة الكتيبة عزلا
من السلاح.. أتذكر وقفة المنطقة الشرقية من امساعد حتى المرج مع شباب
بنغازي في آخر أيام الكتيبة.. أتذكر وقفة الرجبان و الجبالية التاريخية مع
إخوانهم الزنتان... أتذكر رجال طرابلس الذين خرجوا عزلا من السلاح في
مواجهة الطاغية في عقر داره يوم 20 فبراير ثم كرروها ثانية يوم 25 فبراير
بعد خطابه الناري... أتذكر دموع الدباشي وشلقم وهم كانوا أدرى منا جميعا
بقوة المردوم وكثرة سلاحه وعتاده وجبروته لكنهم انحازوا للوطن وابنة
الأول كانت في الزاوية وابن الثاني كان في طرابلس لكن الوطن كان أغلى
لديهم.. أتذكر رجال مصراتة الذين هاجموا مطارها وكتيبتها عزلا من السلاح
طيلة شهر فبراير مكررين أسطورة الفضيل و الجارح.... أتذكر شجعان المنطقة
الشرقية الذين تقدموا نحو سرت في وجه الطائرات والسفن الحربية... أي
شجاعة امتلكها هؤلاء!! أتذكر فرسان الزاوية و صرخات ربيع شرير من
داخلها... أتذكر احتلال الزاوية وهدم مسجدها ونبش قبورها!! ثم أتذكر
مذابح بن جواد وقصف مستشفى رأس لانوف .. ثم أيام حصار اجدابيا السوداء ..
ثم السبت الأسود وانقطاع الاتصالات والبث المباشر لراديو بنغازي... هناك
وقف ثلة من الرجال الصناديد يحمون مشارف بنغازي من جبروت جيش القذافي..
وفوقهم ضحى نسور الجو بأرواحهم. الصلابي والسمين والعقيلي ثم لحقهم
الورفلي.. أتذكر محمد النبوس,,, وأتذكر وقوف قلوبنا وأنفاسنا في لحظات
انتظار تصويت مجلس الأمن,, أتذكر أيام مصراتة وحصارها وصوت بومزيريق
وسعدون .. أتذكر الرجال الذين قدموا أغلى ما يملكون لحمايتها.. أتذكر علي
حدوث .. أتذكر أطفال مصراتة ... أتذكر أبناء الشرق وهم يتوافدون على
مصراتة عبر البحر الذي كانت تجوبه سفن القذافي في رحلة يعلمون مسبقا أنهم
قد لا يرون بعدها شواطيء بنغازي وعائلاتهم أبدا... أتذكر تأخر الناتو في
قصف مصراتة وكيف كان عبدالفتاح يونس شجاعا صريحا قويا معهم... ولا أنسى
أبدا فرسان الزنتان وموقعة الكشاف الأسطورية في 22 مارس... أتذكر تحرير
بوابات اجدابيا... وأتذكر عائلات الجبل النازحة في تونس.. أتذكر حصار
يفرن والقلعة.. أتذكر تحرير شارع طرابلس وزاوية المحجوب وأبوروية و كرزاز
وطمينة.... أتذكر رجالا ضلوا يحمون حقول السرير وجالو ومسلا في عمق
الصحراء.. أتذكر رجال ليبيا في الخارج وهم يجمعون المساعدات ويأتون بها
للجبل وبعضهم قدم بنفسه وضحى بروحه دون أن يروا أهاليهم... أتذكر أياما
مرة صعبة كئيبة حزينة مرت في طرابلس وغيرها وكأن كل شيء كان لونه أسودا
فيها... ثم أتذكر فك الحصار عن يفرن وانتفاضة الزاوية الثانية ثم معارك
الدافنية الطويلة ومسيرات طحالب المقبور ... ثم اقترب شهر رمضان شيئا
فشيئا ...
ثم دخل شهر رمضان المبارك...
وفجأة تحررت القواليش وبئر الغنم و وتاورغاء و زليتن وصبراتة وصرمان
وغريان وترهونة والزاوية والبريقة ... ثم ...ثم
إن كنت ما زلت مغلقا لعينيك كما طلبت منك في بداية كلامي فافتحهما الآن,,
و أجب نفسك هذا السؤال:
بعضهم قدم روحه,, وبعضهم قدم أطرافه... ماذا قدمت أنت؟؟؟ وماذا ستقدم لهذا البلد؟؟
نورالدين
فبراير 2011.. الأمن الداخلي واللجان الثورية وصور المردوم تملأ كل
مكان.. الخرقة الخضراء في كل بقعة.. المعارضون في الخارج أفنوا عمرهم وهم
ينتظرون شم تراب ليبيا.. بعضهم مات و دفن في الخارج.. البلاد تتجه
باستمرار نحو مستقبل مظلم وكتائب المقبور تزداد قوة وتجهيزا كل يوم...
أبناء المقبور وعائلته يحكمون كل صغيرة وكبيرة في البلاد...
والنكتة الشائعة التي كان يرددها التوانسة والمصريين في بداية فبراير: "
طبسوا لوطة خلوا الرجال يشوفوا بعضهم"
ثم ... ثم... ثم
أحيانا لا أكاد أصدق ما حدث في ليبيا... نعم لقد فقدنا كثيرا جدا من خيرة
أبناء هذا الوطن الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حياة أفضل لأجيالنا
القادمة... تمر على ذاكرتي أسماء كثيرة: أتذكر نداءات عائلات أبوسليم
الشجاعة,, أتذكر عادل الحاسي وشجاعته النادرة,,,, أتذكر وقفة شيوخ
الزنتان في وجه جبروت الطاغي دون أي حسابات عسكرية أبدا,,, أتذكر العقيد
القذافي الذي تمت تصفيته يوم 17 فبراير في كتيبة الجارح لرفضه إطلاق
النار على المتظاهرين الذين خرجوا بصدور عارية.. أتذكر الطفلة رقية
الحاسي وكيف فجروا دماغها في يوم 18 فبراير.. أتذكر المهدي زيو
وبطولته... أتذكر شباب بنغازي الذين لم يتوقفوا عن مهاجمة الكتيبة عزلا
من السلاح.. أتذكر وقفة المنطقة الشرقية من امساعد حتى المرج مع شباب
بنغازي في آخر أيام الكتيبة.. أتذكر وقفة الرجبان و الجبالية التاريخية مع
إخوانهم الزنتان... أتذكر رجال طرابلس الذين خرجوا عزلا من السلاح في
مواجهة الطاغية في عقر داره يوم 20 فبراير ثم كرروها ثانية يوم 25 فبراير
بعد خطابه الناري... أتذكر دموع الدباشي وشلقم وهم كانوا أدرى منا جميعا
بقوة المردوم وكثرة سلاحه وعتاده وجبروته لكنهم انحازوا للوطن وابنة
الأول كانت في الزاوية وابن الثاني كان في طرابلس لكن الوطن كان أغلى
لديهم.. أتذكر رجال مصراتة الذين هاجموا مطارها وكتيبتها عزلا من السلاح
طيلة شهر فبراير مكررين أسطورة الفضيل و الجارح.... أتذكر شجعان المنطقة
الشرقية الذين تقدموا نحو سرت في وجه الطائرات والسفن الحربية... أي
شجاعة امتلكها هؤلاء!! أتذكر فرسان الزاوية و صرخات ربيع شرير من
داخلها... أتذكر احتلال الزاوية وهدم مسجدها ونبش قبورها!! ثم أتذكر
مذابح بن جواد وقصف مستشفى رأس لانوف .. ثم أيام حصار اجدابيا السوداء ..
ثم السبت الأسود وانقطاع الاتصالات والبث المباشر لراديو بنغازي... هناك
وقف ثلة من الرجال الصناديد يحمون مشارف بنغازي من جبروت جيش القذافي..
وفوقهم ضحى نسور الجو بأرواحهم. الصلابي والسمين والعقيلي ثم لحقهم
الورفلي.. أتذكر محمد النبوس,,, وأتذكر وقوف قلوبنا وأنفاسنا في لحظات
انتظار تصويت مجلس الأمن,, أتذكر أيام مصراتة وحصارها وصوت بومزيريق
وسعدون .. أتذكر الرجال الذين قدموا أغلى ما يملكون لحمايتها.. أتذكر علي
حدوث .. أتذكر أطفال مصراتة ... أتذكر أبناء الشرق وهم يتوافدون على
مصراتة عبر البحر الذي كانت تجوبه سفن القذافي في رحلة يعلمون مسبقا أنهم
قد لا يرون بعدها شواطيء بنغازي وعائلاتهم أبدا... أتذكر تأخر الناتو في
قصف مصراتة وكيف كان عبدالفتاح يونس شجاعا صريحا قويا معهم... ولا أنسى
أبدا فرسان الزنتان وموقعة الكشاف الأسطورية في 22 مارس... أتذكر تحرير
بوابات اجدابيا... وأتذكر عائلات الجبل النازحة في تونس.. أتذكر حصار
يفرن والقلعة.. أتذكر تحرير شارع طرابلس وزاوية المحجوب وأبوروية و كرزاز
وطمينة.... أتذكر رجالا ضلوا يحمون حقول السرير وجالو ومسلا في عمق
الصحراء.. أتذكر رجال ليبيا في الخارج وهم يجمعون المساعدات ويأتون بها
للجبل وبعضهم قدم بنفسه وضحى بروحه دون أن يروا أهاليهم... أتذكر أياما
مرة صعبة كئيبة حزينة مرت في طرابلس وغيرها وكأن كل شيء كان لونه أسودا
فيها... ثم أتذكر فك الحصار عن يفرن وانتفاضة الزاوية الثانية ثم معارك
الدافنية الطويلة ومسيرات طحالب المقبور ... ثم اقترب شهر رمضان شيئا
فشيئا ...
ثم دخل شهر رمضان المبارك...
وفجأة تحررت القواليش وبئر الغنم و وتاورغاء و زليتن وصبراتة وصرمان
وغريان وترهونة والزاوية والبريقة ... ثم ...ثم
إن كنت ما زلت مغلقا لعينيك كما طلبت منك في بداية كلامي فافتحهما الآن,,
و أجب نفسك هذا السؤال:
بعضهم قدم روحه,, وبعضهم قدم أطرافه... ماذا قدمت أنت؟؟؟ وماذا ستقدم لهذا البلد؟؟
نورالدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق