الاثنين، 9 يناير 2012

قصيدة قَلبَانِ في الأَعْمَاقِ يَنْتَفِضَانِ




في اجْدَابِيَا قَلْبِي ، وفي الزِّنتَانِ **** قَلبَانِ في الأَعْمَاقِ يَنْتَفِضَانِ

أَتَسَلَّقُ الْجَبَلَ الأَشْمَّ مُعَانِقًا **** قِمَمَ الْبُطُولَةِ في حِمَى الشُّجْعَانِ

تَلْهُو بِيَ الأَشْوَاقُ تَحْضُنُ خَافِقِي **** وَتُذِيْبُنِي ، إِنَّ الْهَوَى زِنْتَانِي

لاجْدَابِيَا كَانَ الْوَفيَّ وَلَمْ يَزَلْ **** يَخْتَالُ بَيْنَ مَوَاعِدِ الأَشْجَانِ

عَانَقْتُ في أَرْجَائِها أُسْطُوْرَةً **** لِلْمَجْدِ وَالتَّارِيخِ يَلْتَحِمَانِ

وَسَمِعْتُ هَتْفتَهَا تَسَامَتْ فِي الْمَدَى **** تَهْتَزُّ بِالأَوْرَادِ وَالْقُرَآنِ

فَسَجَدْتُ فَوْقَ تُرَابِهَا مُتَبَتِّلاً **** وَعَشِقْتُ فِيهَا صَدْحَةَ الأَذَانِ

وَقَرَأْتُ ضِحْكَتَهَا عَلَى أَفْجَارِها **** وَحَضَنْتُ أَنَّتَهَا لَدَى الأَحْزَانِ

وَقَرَأْتُ في أَحْدَاقِهَا تَارِيْخَنَا **** يَنْسَابُ مُؤْتَلِقًا عَلَى الأَزْمَانِ

وَقَصَائِدًا خَلُدَتْ عَلَى شَفَةِ الْمَدَى **** شِعْرًا تَجَلَّى مِثْلَ سِحْرِ بَيَانِ

عَانَقْتُ فِيهَا قِصَّتِي وَقَصِيْدَتِي **** وَمَضَيْتُ أَلْعَقُ لَهْفَتِي بِبَنَانِي

فِيهَا مَحَارِيْبِي ، وَمَهْوَى خَفْقَتِي **** مَأْوَى تَهَاوِيْمِي ، صَدَى إِيْمَانِي

وَفَضَاءُ مَدْرَسَتِي ، وَحُلْمُ فُتُوَّتِي **** وَعِنَاقُ أَحْلامي ، وَعِطْرُ زَمَاني

وَهُتَافُ قَافِيَتِي ، وَنجْوَى ثَورَتِي **** وَصِبَا أَزَاهِيْرِي ، حُقُولُ أَمَاني

في كُلِّ زَاوِيَةٍ كَتَبْتُ طُفُوْلَتِي **** وَنَقَشْتُهَا بِرَوَائِعِ الأَلْوَانِ

فَرَسَمْتُ عُصْفُورًا وَحَقْلَ سَنَابلٍ **** وَفَرَاشَةً تَهْفُو إِلَى الأَغْصَانِ

وَرَكَضْتُ مَا بَيْنَ الْحَدَائِقِ سَارِحًا **** وَبَنِيْتُ أَحْلامًا عَلَى الشُّطآنِ

وَلَهُوْتُ مَا بَيْنَ السُّهُوبِ بِلُعْبَتِي **** وَغَفُوتُ بَيْنَ الْغَابِ وَالْوِدْيَانِ

أَوَّاهُ من قَلْبٍ تَفَرَّعَهُ الْهَوَى **** مُتَعَلِّقًا بِالتُّرْبِ وَالإِنْسَانِ

كَمْ تَاهَ فِي الشَّرْقِ الْحَبِيبِ مُقَبِّلاً **** عِطْرَ الْمَلاحِمِ في ثَرَى الْبَطْنَانِ

لَيُصَافِحَ الْمُخْتَارَ فَوْقَ تُرَابِهَا **** أَسَدَ الصَّحَارَى ، مُفْزِعَ الطَّلْيَانِ

فَيُطِلُّ من خُلْدِ الْجِنَانِ مُعَانِقًا **** جِيْلاً أَضَاءَ الْكَونَ بالإِيْمَانِ

قَدْ أيْقَظَ التَّارِيْخَ من غَيْبُوْبَةٍ **** وَأَثَارَ فِي دَمِنَا اللَّهِيْبَ الْقَانِي

يَجْرِي بَرِيْقُ النَّصْرِ في خُطْوَاتِهِ **** وَيُفْوحُ مِسْكُ الْخُلْدِ فِي الأَرْدَانِ

يُوْصِي مِنَ الأَحْفَادِ جِيْلاً ثَائِرًا **** وَيَبُثُّ رُوْحَ النَّصْرِ فِي الشُّبَّانِ

اِمْضُوا عَلَى دَرْبِ الْجِهَادِ أَعِزَّةً **** وَتَرَسَّمُوْا نَهْجِي ، وَكَنَزَ لِسَانِي

لا لَنْ نُسَلِّمَ ، مُوْقِنِيْنَ بِنَصْرِنَا **** أَوْ أَنْ نَمُوتَ عَلَى هُدَى الْعَدْنَانِ

أَمَّا الَّتِي أُغْرِقْتُ فِي شَلاَّلِهَا **** مِنْ نَظْرَةٍ أُوْلَى لِبَعْضِ ثَوَانِي

فَنَسِيْتُ فِي أَفيَائِهَا قَلْبًا هَوَى **** بَيْنَ الْكُرُومِ وَعَطْسَةِ البُسْتَانِ

هِيَ دَارُ أُنْسِ الرُّوْحِ في خَلْوَاتِهَا **** وَقَصِيْدَةُ الأَشْوَاقِ وَالتِّحْنَانِ

تَغْفُو عَلَى شَطِّ الْجَمَالِ أَمِيرَةً **** وَتَدُسُّ كُحْلَ الْحُسْنِ فِي الأَجْفَانِ

تُلْقِي على كَتِفِ الأَشَمِّ بِرَأْسِهَا **** لِلْيَمِّ تَقْصُصُ سِحْرَها الْقَدَمَانِ

فَإِذَا تَنَاوَمَ دَاعَبَتْهُ بِلَمْسَةٍ **** تُذْكِيْ جُمُوحَ الْمَوْجِ فِي الْخِلْجَانِ

فِيْ وَجْنَتِيْهَا تَسْتَفِيْقُ حَدِيْقَةٌ **** وَعَلَى يَدِيْهَا يَرْقُصُ الْقَمَرَانِ

وَتُبِيْحُ لِلْوَادِي سَنَابِلَ سَابِحٍ **** سَالَتْ مَدِيْحًا رَائِقًا وَأَغَانِي

يَتَعَلَّقُ الْمَوْزُ الصَّبِيُّ بِخَصْرِهَا **** وَيُهِيْبُ بِالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ

تَتَثَاءَبُ الْحِنَّاءُ مِنْ خِصْلاتِهَا **** في غَفْوَةِ النَّسْرِينِ وَالرَّيْحَانِ

لازَالَ يَحْفَظُ عَنْ صِبَاهَا قِصَّةً **** لِسَفِيْنَةٍ تَاهَتْ بِلا رُبَّانِ

جَاءَتْ تَمُجُّ الْمُوْتَ من أَشْدَاقِهَا **** فِيهَا أَمَاتَتْ غَضْبَةَ الْبُرْكَانِ

وَصَحَابَةٍ سَاءَلَتُهَا عَنْ صَحْوهِمْ **** نَامُوا بِمِحْضَنِهَا الدَّفِيءِ الْهَانِي

سَبْعِينَ مِنْ صَحْبِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ **** نَشَرُوا الرِّسَالَةَ فِيْ تُقًى وَإِيْمَانِ

قَالَتْ هُنَا سَكَنُوا فَحِيِّيْ صَحْوَهُمْ **** وَاشْمِمْ أَرِيْجَ الْخُلْدِ نَفْحَ جِنَانِ

وَرَهَنْتُ فِيْ شَحَّاتَ قَلْبًا سَارِحًا **** بَيْنَ الطُّلُوْلِ وَسَفْحِهَا الْفَتَّانِ

آثَارُهَا فِيْ نَاظِرَيَّ قَصِيْدَةٌ **** وَنَسِيْمُهَا كَاللَّحْنِ فِيْ وِجْدَانِيْ

وَأَضَعْتُ فِي الْبَيْضَاءِ قَلْبًا رَاجِفًا **** عِنْدَ الزُّحُوفِ وَزَأْرَةِ الْفِرْسَانِ

قَدْ جِئْتُهَا يَوْمًا قَرِيرًا وَاجِفًا **** مُتَوَرِّمَ الأَعْمَاقِ بِالأَحْزَانِ

طَفَقَتْ تُمَسِّدُ رَجْفَتِي بِحَنَانِهَا **** وَتَبُثُّ دِفْءَ الْحُبِّ فِيْ شِرْيَانِيْ

فَمَضَيْتُ أَرْسُمُ فِيْ هَوَاهَا لَهْفَتِيْ **** وَقَصِيدَتِيْ فِيْ حُسْنِها نَهْرَانِ

أَتَذَوَّقُ الأَعْسَالَ مِنْ نَظَرَاتِهَا **** وَأُتُوهُ مِثْلَ الْحَالِمِ الْوَسْنَانِ

وَنَسِيْتُ فِي الْمَرْجِ الأَنِيْقَةِ سَابِعًا **** بَيْنَ الْمُرُوجِ وَجَفْلَةِ الْغِزْلانِ

وَمَوَاجِدِ الْمِزْمَارِ تَجْذُبُ لِلْهَوَى **** لَهَفَ الْحِسَانِ وَصَبْوَةَ الْفِتْيَانِ

وَزَرَعْتُ في بَرْنِيقَ قَلْبًا مُوْلَعًا **** بِالشِّعْرِ وَالرَقَصَاتِ وَالأَلْحَانِ

وَطَفَقْتُ أُنْصِتُ لِلْقَصِيدَةِ تَنْتَشِي **** بِمَآثِرِ الأَبْطَالِ وَالشُّجْعَانِ

فَالْمَجْدُ وَالتَّارِيخُ مِلْكُ يَمِيْنِهَا **** لِلْعِزِّ فَوْقَ جَبِينِهَا تَاجَانِ

تِلْكَ الْجَمِيلَةُ حُلْوَتِيْ وَعَرُوْسَتِي **** بِالْحُسْنِ تَتَأَبَّى عَلَى الْعُرْسَانِ

( مِصْرَاتَتِيْ ) أَهْدَيْتُ قَلْبًا رَاعِفًا **** مُغْرُوْرِقًا بِالْحُبِّ وَالتِّحْنَانِ

قَلْبًا يَحِنُّ إِلَى لِقَاءِ حَبِيبَتِيْ **** وَتَئِنُّ تَحْتَ قَنَابِلِ الطُّغْيَانِ

أَمَّا طَرَابُلْسُ فَتِلْكَ أَمِيرَتِيْ **** أَوْدَعْتُ فِيْ أَجْفَانِها عُنْوَانِيْ

لأَفِيْءَ أَحْلُمُ تَحْتَ ظِلِّ رُمُوْشِهَا **** أُصْغِي إِلَى الْمَالُوفِ وَالأَوْزَانِ

فِيْ كُلِّ شِبْرٍ مِنْ ثَرَاهَا قِصَّةٌ **** لِبُطُولَةٍ كَالشَّطِّ أَوْ كَالْهَانِيْ

تَبْقَىْ تَبَارِيحِيْ ، وَجَذْوَةَ نَشْوَتِي **** وَرُوَاءَ أَشْعَارِي ، وَسِحْرَ جِنَانِيْ

وَطَرَاوَةَ الآهَاتِ فِيْ أُنْشُوْدَتِي **** وَحَلاوَةَ الْكَلِمَاتِ فَوْقَ لِسَانِيْ

قَلْبٌ بِـ (زَاوِيَتِيْ) تَعَلَّقَ فَانْثَنَى **** يَبْنِيْ مَدَائِنَهُ عَلَى الْجُدْرَانِ

لا الْحَرْبُ تَهْزُمُهَا ، وَلا بَطْشُ الْعِدَا **** لا حُبُّهَا يَبْلَى عَلَى الأَزْمَانِ

بِـ ( زُوَارةٍ ) زَارَ الْمَفَاخِرَ فَانبَرَى **** يُطْرِيْ الْجَمَالَ بِلاهِجٍ فَنَّانِ

لِلسِّحْرِ يُصْغِيْ لِلْبُطُوْلَةِ لِلْهَوَى **** لِلْبَحْرِ يَحْضُنُ خِصَرَهَا بِحَنَانِ

لِقَصَيدَةِ الصُّبْحِ الْمُعَانِقِ وِجْهَهَا **** لِنَشِيدِ نَشِوَتَهَا بِنَصْرٍ ثَانِي

وَتَرَكْتُ قَلْبًا يَسْتَفِيضُ بِشَوْقِهِ **** فِيْ يِفْرِنٍ يَهْوَى ، وَفِيْ غِرْيَانِ

وَفَقَدْتُ آخَرَ ظَلَّ يَهْوَى هَائِمًا **** مُتَوَلِّهًا بِالْعِشْقِ فِي الرُّجْبَانِ

وَنَسِيْتُ فِي نَالُوتَ قَلْبًا وَالِهًا **** مَا أَفْتَكَ الأَشْوَاقَ بِالإِنْسَانِ..!

لا زَالَ يُوْقِدُ شَمْعَهُ بِحَنِينِهِ **** مُتَلَمِّسًا دربًا إلى فزَّانِ

وَلَعَلَّهُ فِيْ سِرْتَ يَحْضُنُ هِمَّةً **** وَيَغُذُّ فِي سَيْرٍ إِلَى وَدَّانِ

سَرَّحْتُ عَاطِفَتي فَثَارَت مُهْجَتِي **** مَا أَعْذَبَ الأَشْعَارَ لِلأَوْطَانِ..!

هَذِي الْقُلُوبُ مَلَكْتُهَا وَرَهَنْتُهَا **** لِمَدَائِنِيْ ، أَحْيَيْتُهَا بِجَنَانِ

فَطَفَقْتُ أَزْرَعُ أَلْفَ لَحْنٍ لِلْهَوَى **** أَسْقِي يَنَاعَتَهَا بِرِيْقِ بَيَانِيْ

هَذِيْ قُلُوبِيْ كُلُّهَا يَا مَوْطِنِيْ **** يَا سَارِدَ التَّارِيخِ لِلأَزْمَانِ

فِيْ كُلِّ شِبْرٍ مِنْ بِلادَيْ مُهْجَةٌ **** فِيْ طِيبِ تُرْبِ مَدَائِنِيْ عُنْوَانِيْ

أَعْلَنْتُ حُبِّي لْلبِلادِ وَأَهْلِهَا **** وَنَشَرْتُ أَدْعِيَتي ، أَذَعْتُ بَيَانيْ

مِنْ غَيْرِ هَاتِيْكَ الْبِقَاعِ فَمَنْ أَنَا ..!؟ **** لا الْوَجْهُ وَجْهِيْ ، لا اللِّسَانُ لِسَانِيْ

هَذِي الْمَدَائِنُ كُلُّهَا فِي خَافِقِيْ **** هَذِيْ الرِّحَابُ الطَّاهِرَاتُ مَكَانِي

حَاضنْتُ ذَا الْعَلَمَ الْمُرَفْرِفَ فِي الذُّرَا **** مُتَسَاميًا أَبَدًا بِلا جُنْحَانِ

مُتَحَدِّيًا فَوْقَ السَّحَائِبِ سَابِحًا **** مُتَحَدِّثًا بِاللَّوْنِ وَالْخَفَقَانِ

لَأَرَاكَ يَا وَطَنِي الْمُفَدَّى شَامِخًا **** مُتَمَاسِكَ الْبُنْيَانِ وَالأَرْكَانِ

وَعَشِقْتُ فِي قِيَمِ الْعُرُوْبَةِ لِيْبَيَا **** رَمْزَ الشُّمُوخِ وَدُرَّةَ الْبُلْدَانِ

عَانقْتُ مُفْتَخِرًا مَلاحِمَ أَهْلِهَا **** وَنَقَشْتُ صُورَتَهَا عَلَى دِيْوَانِيْ

يا ليبيا أَقْسَمْتُ أَنَّكِ جَنَّتِيْ **** أَحْلَى الْعَرَائِسِ أَنْتِ فِي الأَكْوَانِ

فَتَأَنَّقِي يَا حُلْوَتِي وَجَمِيْلَتِيْ **** وَتَأَلَّقِي فِي الْخَافِقِ الْوَلْهَانِ

أَوَّأهُ يَا وَطَنِي وَيَا تَرْنِيمَتِيْ **** كَمْ حِزْتِ قَلْبًا في هَوَاكِ يُعَانِي

أَشْقِيْتِ هَذَا الْقَلْبَ حِينَ مَلَكْتِهِ **** فَإِذَا تَعَلَّقَ بِالْهَوَى أَشْقَانِيْ



.  جمعة الفاخري.

هناك تعليق واحد: