أيستقيم الظلُ والعودُ أَعوج؟
قانون انتخاب المؤتمر الوطنى العام ومنع العسكريين من حق الانتخاب
إن السياسة التى ينتهجها مجلسنا الانتقالى المؤقت تعتريها بعض النواقص ويشوبها فى كثير من الأحيان التسرع الذى لا تكاد أن تجد له أى مبررا ، والحكمة تقضتى التأنى ، فيتوجب تسليط الضوء على القضية بأكملها لا على جانب من جوانبها ، فقد يحتاج المجلس إلى استخدام المجهر فى دراسة قراراته التى تُسير الحياة اليومية قبل إصدارها ، فما بالك بإصدار قرارات وقوانين مصيرية قد تلاحقنا فتقع فى تباعاتها الأجيال القادمة .
قصدت بهذه المقدمة المقتضبة قانون انتخاب المؤتمر الوطنى العام وهو اللبنة الأولى فى صرح الديمقراطية المنشودة فى ليبيا والذى كلما كان متقنا كلما نتج عنه مؤتمراً صالحا ومخولاً لقيادة البلاد فى أدق مرحلة من مراحل البناء التى تشتمل على جميع جوانب الحياة في ليبيا وخاصة السياسية والاجتماعية منها .
إن تسمية هذا المؤتمر الذى يعول عليه الليبيين بهذا الاسم ليست فى مكانها الطبيعى ، بل كان الأجدر تسميته بالمجلس الوطنى العام ذلك لأن المؤتمرات جُعلت لتداول الأراء واستعراض الأفكار وصولاً إلى التوصية بالحلول والاقتراحات بعكس المجالس التى تأخد على عاتقها اتخاد القرارات والدفاع عنها وتطبيقها . وأنا هنا لست مطالبا بتغيير الاسم بقدر ما أُطالب أعضاء مجلسنا الموقر بالدراسة المستفيضة لقانون انتخاب المؤتمر الوطني العام بحيث نضمن مكاناً فيه لكل شرائح المجتمع حتى لاتهيمن شريحةٌ ما عليه، وبالتالى لن يتولد منها مؤتمر سلطوي تنفرد بقراراته تلك الجهة، وهى مرتدية عباءة الديمقراطية .
إن إقصاء مجموعة هامة من شرائح المجتمع والذي تبنته المادة الثالثة "ممارسة حق الانتخاب " من الفصل الثانى "حق الانتخاب " من القانون المذكور، لهو الخطوة الأولى فى رحلة الطريق المسدود الذى يرسمه هذا القانون لليبيين ، فما الحكمة من منع العسكريين من حق الانتخاب؟ وإذا كان هو "حق " فمن أعطى الحق لكم يامجلسنا المحترم فى منع صاحبه من التمتع به ، وإذا كان السبب هو كون العسكريين يمتلكون السلاح وبالتالى يمتلكون معه القوة، فعليكم بإدراج كل الليبيين تحت المادة الثالثة من الفصل الثانى من هذا القانون والتى تضم المحرومين من حق الانتخاب لأنهم يمتلكون السلاح والقوة شأنهم شأن العسكريين وينطبق القول على باقى الفئات التى ستحُرم من حقها فى الانتخاب بموجب هذا القانون وخاصة إن هذا المؤتمر هو المؤتمر التأسيسى للحياة السياسية فى ليبيا ، فلا يحق لأحد أن يُسقط حق آخر بسبب طبيعة عمله أو تخصصه أو منصبه طالما لايوجد ضرر لباقي الفئات التى هو شريكٌ معها فى الحياة على هذه الارض .